قاصر طرابلس "المغتصبة" .. ضحية مَن ؟!



قضية اغتصاب بشعة هزّت طرابلس وشغلت الرأي العام اللبناني، ضحيتها فتاة قاصر لم تتعدَّ الستة عشر عاماً من عمرها. تشابكت المعلومات وكثرت التأويلات، ففي بادئ الأمر، كان الجناة ثلاثة شبّان اعتدوا على الفتاة تحت وطأة التهديد. لكن الأقوال تبدّلت وأصبح المعتدي في الأساس زوج عمة الضحية. وبعد شهر من الأخذ والردّ، حسم القاضي قراره وأمر بإخلاء سبيل الشبان الثلاثة، معلناً أنهم بريئون من الإعتداء وأنهم مارسوا فعلتهم مع القاصر "برضاها التام". لكن بين هذا وذاك، هل يجوز إلقاء اللوم على قاصر تعرّضت للإغتصاب؟! وفي أي خانة يصنّفها علم النفس والإجتماع؟!
"الفتاة ليست مذنبة بل هي ضحية عدم احتضان أهلها لها بطريقة صحية"، يقول الاختصاصي في الإرشاد والتوجيه الزوجي والعائلي د. رائد محسن، موضحاً أن الفتاة خاضعة وليس لديها ثقافة جنسية، لذلك فإن مفهومها مشوّه وغير صحيح.
بالمفهوم الإجتماعي، يضيف محسن في اتصال مع "الجديد"، إذا كان الشاب يكبر القاصر بعام أو اثنين، فلا يكون ملاماً أو مذنباً بل يمكن القول إن الفتاة فعلت ذلك برضاها، لكن إذا كان يكبرها بأكثر من أربع سنوات، فعندها يُعتبر هو المذنب حتى لو لم يفعل ذلك بالقوة، ويُعتبر في هذه الحالة أنه هو من غرّر بها.
أما من وجهة نظر علم النفس، فلا أحد مذنب بالمطلق وكل شخص يرتكب فعلاً جرمياً أو شاذًّا يكون هو نفسه ضحية أمر ما، سواء مجتمع أو طفولة أو معتقدات أو مشاعر أو تربية خاطئة، تولّد لديه أزمة نفسية، بحسب الخبير والمدرّب في البرمجة اللغوية العصبية د. عماد سلمان.
والفتاة، بحسب سلمان، هي ضحية أهلها وجدّها والتربية الخاطئة التي نشأت عليها، كما أنها قاصر ومشاعرها ليست ثابتة، ولا هوية عاطفية واضحة لديها بعد.
ويشرح سلمان أن المعتدى عليها هي ضحية عقد اجتماعية ونفسية، خصوصاً وأن عادات وتقاليد مجتمعنا في هذا الإطار متخلّفة، وعندما تُمنع الفتاة من التعبير عن مشاعرها، ويتم الضغط عليها بطريقة خاطئة جداً، تفقد ثقتها وشخصيتها وتشعر كأنها بحاجة دائماً الى عنصر ذكوري يرعاها ويتولّى أمرها.
ما حصل لا شك سيترك أثاراً سلبية على الفتاة أكثر من أي شخص آخر، وذلك من الناحيتين الإجتماعية والنفسية، يضيف سلمان، موضحاً أنه على المستوى الإجتماعي، ستضطر الفتاة الى مواجهة بيئتها المحيطة والعادات ونظرة المجتمع لها والضغط الكبير الذي سيمارسه عليها بعد تكشّف حقيقتها.
أما نفسياً، يتابع سلمان، فسينخفض تقدير الذات لديها بشكل كبير وستقلّ ثقتها بنفسها، كما أن ما حصل معها سيترك أثاراً سلبية جداً على نفسيتها وسيتولّد لديها خوف وحقد تجاه من ترك هذا الألم النفسي والمعنوي والجسدي عندها. وبسبب ضعفها وضعف موقفها ، لا سيما وأن مجتمعها ذكوري، فإنها ستكون غير قادرة على مواجهة ما سيحصل وستذهب باتّجاه التدمير الذاتي أو إنها قد تلجأ الى الكحول أو المخدرات.
الفتاة اذًا ضحية، وقبل أن نراشقها ونتّهمها يجب الإلتفات اليها والنظر الى حالتها التي تعتبر نموذجاً ومرآة للمجتمع التي تعيش فيه، ومعالجة آفاته من الجذور. أمّا من يجب معاقبتهم، فهم أهلها وعائلتها بالدرجة الأولى، الذين تركوها مشرّدة بلا توعية وتوجيه، ولم يحصّنوها من محيطها.



شارك على جوجل بلس

عن LebanonState

موقع لبناني منوع وشامل يهتم بكل ما يهم المتابعين من أخبار منوعة ومسلّية بالإضافة إلى آخر أخبار التكنولوجيا والفن والمرأة ليكون متابعنا على اطّلاع دائم بكل جديد.
    تعليقات بلوجر

0 comments:

إرسال تعليق